المقدّمة
الحمد لله الذي خلق
الإنسان وعلمه بالبيان والصلاة والسلام على خير الأنام, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين, وبعد.
فهذه دروس المحفوظات المقررة للسنة
الثالثة بكلية المعلمين الإسلامية دارالسلام قونتور. بعد أن رأينا أن بعض المدرسين
يجدون الصعوبة في فهم هذه المحفوظات وشرحها أمام التلاميذ لنقصان تجاربهم في
التدريس وقصور معلوماتهم في هذه المادة. قمنا بشرحها وتوضيح مقاصدها مستعينا بالله
فأتينا بمثل هذا الشرح البسيط راجيا من الله تعالى أن ينتفع للمدرسين ولغيرهم من
القارئين والمستفيدين ولنا أجمعين.
تم هذا الشرح بعون الله تعالى بمساعدة
بعض المدرسين المخلصين – جزاهم الله خير الجزاء.
قســم المنهج الدراسي

معهد دارالسلام للتّربية الإسلاميّة الحديثة
قونتــور – إندونيسيــا
1424 هـ
التوجيهات والإرشادات
1. هذا الكتاب *المحفوظات وشرحها* خاصّ
للمدرّسين فلا يجوز للتلاميذ أن يستحقّوا أو ينقلوه.
2. عند التعليم
لايجوز للمدرّسين أن يكتبوا شرح هذه المحفوظات بل اللازم عليه أن يشرحها شفهيّا.
3. قبل البدء في
التعليم على المدرّسين أن يقرؤوها ويحفظوها ويستوعبوا بيانها وأن يستعدّوا تمام
الاستعداد حتّى استطاعوا النجاح في التعليم.
4. يجب على المدرّسين
معرفة النقط المهمّة من هذا الدرس من الآداب الحسنة أو الحصال المحمودة أو المبادئ
الأساسيّة للحياة و أن يغرسها في نفوس التلاميذ.
5. يلزم للمدرّسين
أثناء تدريسهم (عند الإمكان) أن يربطوا هذا الدرس بالدروس الأخرى أو ا لحوادث
الاجتماعيّة أو الوقائع التاريخيّة التي تؤكّد شقّة التلاميذ وتزيدهم شوقها.
6. أن يكون المدرّسون
قدوة حسنة لتلاميذهم في جميع النواحي.
7. أن يتبع المدرّسون
في تعليمهم الطرق الصحيحة في التدريس.
8. على جميع مدرّسي
المحفوظات أن يفصحوا ويفتّشوا كتابة التلاميذ في كرّاساتهم لعلها وقعت في الخطأ
فيصلحوها ويجوز ذلك في كلّ مناسبة. فالازم مرتان في السنة على الأقلّ يعني قبل بدء
كلّ الامتحان.
9. يلزم للمدرّسين أن
ينبّهوا تلاميذهم أنّهم لايجوز لهم أن يخلّطوا كتابة المفردات أو معاني الكلمات
الغامضة في كرّاسة واحدة مع متون المحفوظات بل عليهم أن يكتبوها في كرّاسة خاصّة
لها.
الإعداد
في التعليم
إنّ من أهمّ الشروط في التعليم هو
الإعداد، لأنّ نجاح المدرّس في تعليمه نتوقّف كثيرا على وجود إعداده وكماله فيجب
على المدرّس قبل البدء في تعليمه أن يستعدّ استعدادا كاملا روحيّا ومادّيّا.
والمراد بالإعداد الروحي هو عزيمته
القويّة في التعليم وشوقه فيه ونشاطه في مهنته وخلوص نيّته طلبا لمرضاة الله
وغزارة علومه الراسخة في ذهنه بكثرة اطلاعه على الكتب المتنوّعة واستشارته ذوي
العلوم والمعارف ومهارته في طريقة تعليمه حتّى يكون للمدرّس خيرا في مهنته وكلّ ما
يكون لازما للتعليم ملكة له.
أنّا الإعداد المادّي هو عبارة عن موادّ
الدروس المكتوبة في كرّاسةٍ خاصّة وهو يشمل الدروس التي يلقيها المدرّس أمام
تلاميذه، والكلام الذي يخرجه لبيان هذه الدروس فيكون كلامه صحيحا فصيحا مرتّبا
حتّى يستطيع تلاميذه أن يفهموه يسهولة.
ويشمل كذلك بيان كلّ ما سيير عليه
المدرّس في تدريسه مدّة حصّة من خطواته وحركاته بعد التفكير الدقيق والفهم العميق
فلايقع بذلك في خطأ في تعليمه.
وممّا يلزم لكلّي مدرّس قبل بدئه في
التدريس ولايمكن إهماله هو استشارته من مشرفه في إعداده لتصحيحه وإصلاحه فيما عساه
أن يكون فيه من الخطأ ثمّ ليستمضيه دلاله على صحّة إعداده.
وهكذا من الأمور اللازمة لكلّ مدرّس بل
هي تعتبر من أهمّ الواجبات، فعليه أن يعملها يوميّا قبل البدء في التعليم.
الخطوات التي يلزم أن يسير عليها مدرّس
المحفوظات:
- الافتتاح:
دخول الفصل بالإعداد الكامل وبالأدوات
اللازمة للتعليم مع إلقاء السلام ثمّ تنظيم الفصل (إذا لم يكن منظّما) ثمّ السؤال
عن المادّة ثمّ كتابتها وكتابة التاريخ.
- المقدّمة:
وهي الأسئلة أو التطبيق عن الدرس الماضي
على قدر الكفاية ثمّ ربطها بموضوع جديد ثمّ كتابة هذا الموضوع على السبّورة ثمّ
تقيسم السبّورة قسمين: قسما لكتابة المفردات وآخر لكتابة متون المحفوظات.
وهذه الإسئلة: أ. الأسئلة عن مضمون الدرس.
ب. الأسئلة عن النقط المهمّة في هذا الدرس.
ج. حفظ المحفوظات.
د. الأمر
بشرحها.
- العرض:
1. شرح
الكلمات الغامضة على طريقة جديدة: تلفيظ كلّ كلمة ثمّ كتابتها على السبّورة ثمّ
بيان معناها بوضعها في جملة مفيدة أو بوسائل الإيضاح.
2. تلخيص
الدرس: أن يبيّنه بيتا فبيتا إن كانت المحفوظات نظما أو جزءا فجزءا إن كانت نثرا وحينئذ يجب على
المدرّس أن يبيّنها بالجدّ والنشاط وبالوضوح وبالتشويقات ويربطها بدروس أخرى عند
الإمكان. وعليه الاستنتاج أو أخذ النقط المهمّة وغرسها في نفوس تلاميذه. وحينئذ
يجوز له التكرار لتكون قوّة التأثير أكيدة حتّى يكون أثره راسخا في أذهانهم. ثمّ
ذكر متن المحفوظات التي سبق بيانها شفهيّا والوضوح وبسلاسة فيحاكيه جميع التلاميذ،
ثمّ كتابتها على السبّورة بخطّ نسخي صحيح واضح ثمّ قراءتها مرّة. وهكذا يسير
المدرّس في تلخيص الأبيات أو الأجزاء التالية.
3. قراءة
المدرّس ما على السبّورة من الدرس مع ملاحظة من التلاميذ.
4. كتابة
التلاميذ ما على السبّورة تحت إشراف المدرّس ثمّ قراءة المدرّس كشف الغياب.
5. أمر
المدرّس بعض تلاميذه بقراءة كتابتهم مع الإصلاح من المدرّس.
6. يجوز
للمدرّس أن يعطي تلامييذه فرصة للسؤال عمّا لم يفهموه من الدرس إذا رآه ضروريّا. ويجوز
كذلك أن لايعضيهم هذه الفرصة لأنّهم يسفهمون دروسهم بعد القراءات المتوالية. ولأنّ
إعطاء الفرصة لهم قد يؤدّي إلى الخسارة فبمثل هذا على المدرّس أن يكون حكيما.
7. أمر
المدرّس تلاميذه بقراءة دروسهم صامتة كانت أم جهرة إعدادا لإجابة الأسئلة من
المدرّس في التطبيق.
8. أمر
المدرّس تلاميذه بإقفال كتبهم وكرّاساتهم للتطبيق وعليه أن يمسح المفردات المكتوبة
على السبّورة
- التطبيق:
1. الأسئلة عن مضمون الدرس.
ب. شرح التلاميذ بعض
الأبيات.
ج. الاستنتاج/ أخذ النقط المهمّة من الدرس.
د. الأسئلة عن المفردات.
ه. الحفظ التدريجي والمحو التدريجي / عند الإمكان
- الاختتام:
الإرشادات والمواعظ وغرس النقط المهمّة
في نفوس التلاميذ مرّة أخرى ثمّ خروج
المدرّس من الفصل مع إلقاء السلام.
1
|
أوصى عَلِيُ اْبنُ أَبيِ طَـالِبٍ ِلاْبنِهِ حَسَـن المتوفى
سنة 40 هـ
|
يَابُنَيَّ
اِحْفَظْ عَنِّي أَرْبَعًا وَأَرْبَعًا لاَ يَضُرُّكَ مَـاعَمِلْتَ مَعَهُنَّ:
أَغْـنىَ
الغِنىَ العَقْلُ وَأَكْبَرُ الفَقْـرِ الحُمْقُ وَأَوْحَشُ الوَحْشَةِ العُجْبُ
وَأَكْبَـرُ الحَسَبِ حُسْنُ الخُلُـقِ.
يَابُنَيَّ,
إِيَّـاكَ
وَمُصَادَقَةَ الأَحْمَقِ فَإِنَّهُ يُرِيْـدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرُّكَ
إِيَّـاكَ
وَمُصَادَقَةَ البَخِيْلِ فَإِنَّهُ يُبْعِدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَـاتَكُوْنُ
إِلَيْهِ
وَإِيَّـاكَ
وَمُصَادَقَةَ الفَـاجِرِ فَإِنَّهُ يَبِيْعُكَ بَِالتَّـافِهِ
وَإِيَّـاكَ
وَمُصَادَقَةَ الكَذَّابِ فَإِنَّهُ كاَلسَّرَّابِ يُقْرِبُ عَلَيْكَ البَعِيْدَ
وَيُبْعِدُ عَلَيْكَ القَـرِيْبَ
المفردات:
أوحش
|
: أشد إنفرارا
|
إياك ومصادقة
|
: ابتعد عن مصادقة
|
التافه
|
: الحقير اليسير
|
الحسب
|
: شرف الأصل
|
السراب
|
: ما يشاهد في أثناء النهار كأنّه ماء
وهو ليس بماء
|
||
الحمق
|
: قلة العقل وسوء التصرف
|
الشرح:
1.
يابني يجب عليك أن
تحفظ عني وصايا أربعا وأربعا أخرى, وإذا عملت ذلك فلا تقع في ضرر. أما الأربع
الأولى فهي:
أغنى الغنى العقل أي أنفع الأشياء
وأكثرها فائدة لك هو العقل وهو الّذي يميز بين الإنسان وغيره. فعليك أن تحفظ عقلك
للتدبر في خلق الله وعجائبه وأن تفكر لأجل سلامتك ولأجل سعادتك في الحياة.
2.
وأكبر الفقر الحمق أي
أشدّ الأشياء ضررا في حياة الإنسان هو الجهالة فكان المتّصف بها لا يستطيع أن
يفرّق بين النافع والضارّ ولا يدري ماالواجب عليه أن يعمله وماالذي يلزمه أن يتركه
فوقع كثيرا في ضرر. لذلك يجب عليك الاجتناب عن الجهالة المضرّة لحياة الإنسان.
3.
وأوحش الوحشة العجب
أي أقبح ما يتّصف به الإنسان إعجابه بنفسه فإن الّذي يتعجّب بمهارته أو عظمته أو
كفاءته أو غير ذلك سيقع في خيبة و فشل من حيث لا يدري ماالّذي سيقع عليه من الضرر.
4.
وأكبر الحسب حسن
الخلق أي أن السبب الوحيد الذي يؤدي إلى شرف الإنسان وعلوّ مرتبته هو حسن الخلق
دون غيره.
لذلك يلزمك أن تحسن أخلاقك بين الناس وأن
تتّصف وتتزيّن بالمروؤة الحسنة وبالعادات المحمودة لأن قيمة كلّ امرئٍ بحسن أخلاقه
وآدابه.
فأما
وصاياه الأربع الأخرى فكمايلي:
1.
إيّاك ومصادقة الأحمق
أي عليك أن تبتعد عن مصاحبة الغبي الأحمق لأن هذه المصاحبة تؤدي إلى ضررك في حياتك
لأن الأحمق يريد أن يأتيك بالمنافع لكنه بحماقته وجهالته لايأتيك بالمنافع بل
يأتيك بالمضرّات والمشقّات.
2.
إيّاك ومصادقة البخيل
أي عليك أن تترك مصاحبة البخيل وهو الذي لا يريد أن يساعدك بمال أو فكر أو شيء آخر
لأنك إذا صاحبته فلا يفيدك شيئا بل يبعد عنك كل ما تحتاج إليه فلا تستطيع الوصول
إلى مقاصدك.
3.
إياك ومصادقة الفاجر
أي عليك أن تبتعد عن الفاجر وهو الذي يتعود بارتكاب الجرائم كثيرا, لأنك إذا
صاحبته أو عاشرته فأنت ستقع معه في سوء عواقب أعماله فتسقط من مرتبتك إلى هوة
الدناءة.
4.
وإياك ومصادقة الكذاب
أي إذا أردت أن تبلغ آمالك فعليك أن تجتنب في حياتك عن مصاحبة الكذاب وألاّ تصدق
كلامه ألا تعتمد على وعده, فإنه يحب أن يعدك كثيرا فيخالفه ويتكلّم كلاما يخالف
الواقع. وإذا صدقته واعتمدت عليه وقعت في ضرر لأنه يظهر لك أنه يريد أن يساعدك
للوصول إلى آمالك ولكن الواقع أنه يمنعك عن الوصول إلى رجائك القريب.
الخلاصة:
يقول
علي رضي الله عنه لاِبنه الحسن ناصحا:
غِنى الإنسان في عقله. وفقره في قلة
عقله. كبره وتعاليه على الناس يصرف الناس عنه, والإنسان يفضل غيره بحسن خلقه لا
بشرف أصله.
لا تصادق الجاهل لأنه يضربك من حيث يريد
أن ينفعك ولا تصادق البخيل لأنه لا ينفعك بل يبتعد عنك في وقت شدتك.
ولا تصادق الإنسان الذي يعصي الله لأنه
يدوس مصلحتك ونظير شيء تافه. ولا تصادق الكذاب لأنه يضر ولا ينفع.[1]
2
|
لأَبِي العَتَــاهِيَةَ (المتوفى سنة 211 هـ)
|
لِكُلِّ شَيْءٍ زِيْنـَةٌ فيِ
الـوَرَى
|
#
|
وَزِيِنَـةُ المَرْءِ تَمَــامُ
الأَدَبِ
|
مَـاوَهَبَ اللهُ لاِمْــرِئٍ
هِبَةً
|
#
|
أَشْرَفَ مِنْ عَقْــلِهِ وَمِنْ
أَدَبِهِ
|
قَدْ يَشْرَفُ المَـرْءُ بِآداَبِهِ
فِيْـنَا
|
#
|
وَإِنْ كَانَ وَضِـيْعَ النَّسَــبِ
|
مَنْ كَانَ مُفْتَخِرًا بِالمَالِ
وَالنَّسَبِ
|
#
|
فَإِنَّمَـا فَخْرُناَ بِالعِلْمِ
وَالأَدَبِ
|
هُمَـا حَيَاةُ الفَتىَ فَإِنْ
عَدُمَـا
|
#
|
فَإِنَّ فَقْدَ الحَيَـاةِ أَجْمَـلُ
بِهِ
|
لاَ تَنْظُرَنَّ لأَِثْوَابٍ عَلىَ
أَحَـدٍ
|
#
|
إِنْ رُمْتَ تَعْرِفُهُ فَانْظُرْ
إِلىَ الأَدَبِ
|
المفردات :
:
أعطى
|
وهب
|
المرء : الناس:
|
الورى
|
:
متكبر
|
مفتخر
|
:
ذليل
|
وضيع
|
:
أردت
|
رمت
|
:
ضياع
|
فقد
|
الشرح:
1.
لا يجد في هذه الدينا
إلا وله زينة في خلقه أو في فطرته, وكذلك شأن الإنسان فإن كل فرد من أفراده لايخلو
عن زينة. وأحسن زينة عندهم هي كمال الأدب وتمام الأخلاق أو الخصال المحمودة
والأخلاق الكريمة لهذا يلزمنا بأخلاق كريمة ونتأدب بآداب شريفة لنكون رجالا
محترمين بين الناس.
2.
أعطى الله لكل امرئ
أنواعا من هبة لكن أشرف الهبة التي وهبها الله له هي العقل والأدب ولا شيء أحسن
منهما فيلزمنا أن نحافظ على عقلنا ليكون سليما فنستطيع أن نفكر به للوصول إلى غاية
آمالنا. وأن نحافظ على أخلاقنا وآدابنا الحسنة لأن قيمة كل امرئ متعلقة بآدابه
وأخلاقه.
3.
إن نسب المرء لا يكون
أساسا لشرفه ولا يكون سببا لعلوّ مرتبته بل الشرف ينال بالآداب الحسنة وبالأخلاق
الكريمة. فلا عجب إذا وجدنا المرء شريفا بسبب آدابه ولوكان وضيع النسب ولذا لا
يجوز لأحد أن يفتخر بنسبه بل الواجب عليه أن يتخلّق بأخلاق حسنة ويتزيّن بآداب
طيبة فيكون بذلك شريفا محترما بين الناس.
4.
وإذا وجدنا رجلا متكبّرا
بكثرة أمواله وبشرف نسبه فإننا نفتخر بالعلوم الكثيرة المتنوّعة وبالآداب الحسنة
لأن الأموال عرضة للضياع فلا تدوم في وجودها ولأن النسب لا يكون سببا لشرف المرء
لأن قيمة المرء بحسب عمله دون نسبه. وبكثرة علومه لا بكثرة أمواله وبحسن آدابه لا
بعلوّ نسبه.
5.
العلم والأدب هما سبب
وحيد لحياة الفتى في هذه الدنيا فإذا ضاع العلم والأدب منه فلا اعتبار لحياته بل
الموت أليق به ولذلك إذا أردت أن تحيا حياة حقيقية وأن تكون حياتك نافعة للأمة
فعليك أن تجعل العلوم والأدب روح حياتك.
6.
لا تتعجّب بجمال
أثواب أحد فتظنّه شريفا بسبب أثوابه الجميلة ومركبه الحذاب. وإذا أردت أن تعرفه أ
شريف هو أم دنيء فانظر إلى آدابه وأخلاقه. وإن كانت حسنة فهو شريف إن كانت قبيحة
فهو دنيء.
الخلاصة:
البيت
الأول: يبين أن أحسن الزينة يتزين بها المرء هي الأدب.
فالواجب
على كل واحد أن يكون له آداب كاملة وأخلاق كريمة.
البيت
الثاني: يبين أن أفضل الهبة التي وهبها الله للناس هي العقل والأدب. فعلى كل فرد منا أن يحفظ عقله وأن
يستعمله في الخيرات والصلاح وأن يتأدب
أحسن الآداب في جميع حركاته.
البيت
الثالث: يأمرنا بأن لا نتعجب بمن يفتخر بأمواله ونسبه وأن لا نخاف عنه بل لابد أن
نشعر بالفخر والشرف مادمنا متمسكين بالأدب والعلم.
البيت
الرابع: يبين أن ورح حياة الفتى هي العلم والأدب وإذا لم يكن للفتى العلم والأدب
فلا اعتبار لحياته. فالواجب علينا أن نكون لنا العلوم الكثيرة النافعة والآداب
الحسنة لتكون حياتنا ذات قيمة.
3
|
لمَِحْمُوْد سَــامِي بَـاشَا
(المتوفى سنة 1366هـ)
|
بَـادِرِ الفُرْصَةَ وَاحْذَرْ
فَوْتهَاَ
|
#
|
فَبُلُوْغُ العِزِّ فيِ نَيْلِ
الفُُرَصِ
|
وَاغْتَنِمْ عُمْرَكَ إِبَّانَ الصِّـب
|
#
|
فَهُوَ إِنْ زَادَ مَعَ الشَّيْبِ
نَقَصْ
|
وَابْتَدِرْ مَسْعاَكَ وَاعْلَمْ
أَنَّ مَنْ
|
#
|
بَادَرَ الصَّيْدَ مَعَ الفَجْرِ
قَنَصْ
|
إِنَّ ذَا الحَاجَةِ إِنْ لَمْ
يَغْتَرِبْ
|
#
|
عَنْ حِمَاهُ مِثْلُ طَيْرٍ فِي
قَفَصٍ
|
المفردات :
:
وقت الصغر
|
إبان
الصبا
|
:
عاجل
|
بادر
|
: الشرف
|
العزّ
|
: سعيك
|
مسعاك
|
:
مايحمي = مكان
|
حماه
|
: وصول
|
بلوغ
|
: خف
|
احذر
|
:
صاد أي وجد الصيد
|
قنص
|
: ضياع
|
فوت
|
:
انتهزه : أسرع إلى...
|
اغتنم
العمر
|
الشرح:
1.
انتهز فرصتك بأسرع ما
تستطيع لأجل طلب العزّ والشرف وأن تخاف عن ضياعها فإن ضياعها من غير فائدة خسارة
عظيمة عليك لأن المرء لا يستطيع أن يبلغ العزّ ويحصل على أمله إلا بسبب جدّه
ومهارته في انتهاز الفرصة الثمينة.
2.
وانتهز عمرك لا سيما
وقت شبابك وانتفع به أحسن الانتفاع لأجل مستقبلك لأن أحسن الأوقات هو وقت الشباب
وأنت تشعر بنقصان عمرك عندما ظهر منك شيبك أو إذا كنت في شيخوخة.
3.
أسرع في سعيك وفي
عملك منذ شبابك لأن الذي استطاع أن يصيد حيوانا كثيرا هو الذي بادر وأسرع في
اصطياده وقت الفجر وكذلك إذا بادرت العمل وأسرعت في السعي فأنت تستطيع أن تحصل على
غرضك وتبلغ غايتك المرجوة.
4.
إن مثل صاحب الحاجة
أو الذي له إرادة قوية لنيل أمله لكنه لا يريد أن يترك مكانه أو أن يسافر عن بلده
لأجل الحصول على ماقصده كمثل طير محبوس في قفصه فهو لا يستطيع أن ينال ماأراده.
ولذلك يجب عليك أن تسعى بجدّك لنيل ما أردته حتى ولو اضطررت أن تخرج من بلدك.
الخلاصة:
البيت
الأول: يأمرنا بأن نتسرّع في انتهاز فرصتنا لأن العزّ لا ينال إلا بانتهاز الفرصة.
البيت الثاني: يأمرنا بأن ننتهز أوقات شبابنا وهي أحسن الأوقات للسعي لأن العمر يكون ناقصا بعد أن كان الرجل شيخا.
البيت الثالث: يأمرنا بأن نتسرّع في السعي لأن الذي يستطيع أن ينال مقاصده هو الذي تسرّع في السعي.
4
|
للطَغْــرَائِي (المتـوفى
سنة 513 هـ)
|
لَوْكاَنَ نُوْرُ العِلْمِ يُدْرَكُ
بِالمُـنىَ
|
#
|
مَاكَانَ يَبْقىَ فيِ البَرِيَّةِ
جاَهِلٌ
|
اِجْهَدْ وَلاَ تَكْسَلْ وَلاَ تَكُ
غَافِلاً
|
#
|
فَنَـدَامَةُ العُقْبَى لمَِنْ
يَتَكاَسَلُ
|
المفردات:
:
العافية
|
العقبى
|
: جمن منية: الأمل
|
المنى
|
: لاتكن
|
لاتك
|
: يثبت
|
يبقى
|
|
|
: الخلق: المخلوق
|
البرية
|
الشرح:
1.
لو جاز نيل العلوم بالخيال أو بمجرّد الرجاء دون
التعلم فكل الناس في هذه الدنيا عالمون ماهرون في أنواع العلوم والمعارف ولا أحد
منهم جاهل لأن جميعهم يتمنّون أن يكونوا عالمين ويرجون أن لا يكونوا جهلاء. ولكن
الطريقة لادراك العلوم ليست كذلك وإنما لابد للحصول عليها من الجدّ في السعي ومن
بذل المجهود اللازم للتعلم جانب الإرادة القوية للوصول إلى هذه الغاية المرجوة.
2. ولذكل
عليك أن تجدّ في التعلم وأن تسعى بجميع طاقتك وأن نتتهز كل أوقاتك طلبا للعلوم النافعة والمعارف المفيدة
لمستقبلك وأن تكون من المواظبين في التعلم وأن لا تكون من الغافلين عن الواجبات
المهملين المقصّرين في الأمور لأن ذلك يؤدي إلى الندامة في الخيبة.
الخلاصة:
البيت الأول: يبين أن العلم لا يمكن أن ينال بالخيال أو المنى والرجاء من غير تعلّم والواجب علينا أن نتعلّم طلبا للعلوم.
البيت
الثاني: يأمرنا بالجدّ في التعلّم وينهانا عن الكسل والغفلة في مذاكرة الدروس لأن
الكسل يحملنا إلى الخسران والندامة.
5
|
لِبَشَــارِ بْنِ بُرْدٍ (المتـوفى سنة 167 هـ)
|
فيِ المُعَاشَرَةِ
إِذاَ كُنْتَ فيِ كُلِّ الأُمُوْرِ
مُعَـاتِبًا
|
#
|
صَدِيْقُكَ لَمْ تَلْقَ الِّذي لاَ
تُعَاتِبُهُ
|
فَعِشْ
وَاحِدًا أَوْصِلْ أَخَاكَ فَإِنَّهُ
|
#
|
مُقَـارِفُ ذَنْبٍ مَـرَّةً
وَمجَُانِبُهُ
|
إِنْ
أَنْتَ لمَ ْتَشْرَبْ مِرَارًا عَلىَ القَذَى
|
#
|
ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو
مَشَارِبُهُ
|
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى
سَجَايَاهُ كُلُّـهَا
|
#
|
كَفَـى المَرْءُ نُبْلاً أَنْ تَعُدَّ
مَعَايِبَهُ
|
المفردات:
:
عطشت
|
ظمئت
|
: مباعد
|
مجانب
|
: شراب فيه أوساخ من تراب ونحوها
|
القذى
|
الشرح:
1.
التركيب الأصلي من
هذا البيت " إذا كنت معاتبا في كل الأمور فلم تلق صاحبك الذي لا تعاتبه".
إذا عاتبت أو لمت في كل شيء وكلما وجدت شيئا أنت تلومه فإنك لم تجد ولم تلق صديقا
إلا وأنت تلومه, كذلك إذ أنه لا يوجد في هذه الدنيا أي إنسان سالم من الأخطاء
والهفوات خالص عن العيوب وليس في مقدور الإنسان على أن يجعل غيره راضيا عن جميع
طبائعه, لأن كل فرد له طبائع يرتضيها مالم يرتض غيره.
2.
وإذا كان هذا شأنك
وهكذا شأن أصحابك فعش منفردا من غير صاحب. أو صاحب صديقك الذي يفترق ذنبا مرة
ويبتعد عنه أخرى.
3.
إذا أردت أن لا تشرب
إلا مشربا صافيا خالصا عن الأوساخ طول حياتك فلن تجده وستقع في ظمأ. وأي إنسان
رأيته تكون مشاربه صافية طول حياته. وكذلك شأنك في المصاحبة فإنك إذا أردت أن لا
تصاحب إلا من كان خاليا من العيوب فلن تجده فبقيت وستبقى في غير صديق طول حياتك.
فأي إنسان رأيته في حياته يصاحب غيره من غير عيب ولا خطأ, إنه لمحال أي مستحيل.
4.
أي إنسان في هذه
الدنيا كانت سجاياه وطبائعه مرضية عند جميع الناس خالصة من غير عيب كلا أنه لم
يوجد ولا يوجد في هذه الدنيا أي شخص إلا وكان له عيب في طبائعه. ولذلك يصير المرء
شريفا مادامت عيوبه معدومة وهفواته محسوبة.
الخلاصة
:
البيت
الأول: ينهانا عن المعاتبة في الأمور ويبين أننا لا نجد صديقا إلا معه عيوب.
البيت الثاني: يؤكّد البيت الأول في عدم وجود الصديق الذي لا عيب فيه. البيت الثالث: يبين أن الذي لا يريد أن يصاحب إلا من كان صافيا من العيوب فلن تجده.
البيت الرابع: يبيّن أن لا يوجد شخص كانت جميع طبائعه يحبّها غيره ويبيّن أن الذي كانت عيوبه معدودة يعتبر شريفا.
6
|
للشَّرِيْفِ العَبَّـاسِي
( المتـوفى سنة 504 هـ)
|
في الحِـكَمِ
وَكُلُّ إِنْسَــانٍ فَلاَبُدَّ لَهُ
|
#
|
مِنْ صَاحِبٍ يحَْمِلُ مَاأَثْقَلَهُ
|
فَإِنَّمَا الرِّجَالِ بِالإِخْـوَانِ
|
#
|
وَاْليَدُ بِالسَّـاعِدِ وَالبَنَانِ
|
مَنْ عَرَفَ اللهَ أَزَالَ
التُّهْمَةَ
|
#
|
وَقاَلَ كُلُّ فِعْلِهِ بِالحِكْمَةِ
|
المفردات:
:
جعله ثقيلا : كلف
|
أثقل
|
: جمن الحكمة
|
الحكم
|
: الأصابع
|
البنان
|
: سوء الظن
|
التهمة
|
الشرح:
1.
ينبغي لكل إنسان أن
يكون له صاحب يساعده فيما يشغله من الأعمال وفيما يصعب عليه من الأمور لأن الإنسان
لا يستطيع أن يعيش منفردا. فاللازم على كل إنسان أن يتعاون مع بني جنسه و يتضامن
بعضهم مع بعض في حياتهم لأجل سعادتهم في دنياهم وآحرتهم.
2.
فمثل احتياج الرجال
في حياتهم إلى إخوانهم في المساعدة لأجل حياتهم كمثل اليد في احتياجها إلى الساعد
والأصابع فإننا عرفنا أن اليد التي لا ساعد لها ولا أصابع فهي لا تستطيع أن تعمل
شيئا أكثر وكذلك شأن حياة الإنسان فإنه لا يستطيع أن يعيش من غير صديق يساعده أو
صاحب يعاونه في جميع أموره. لذلك يجب علينا أن نتصاحب مع غيرنا بأحسن مصاحبة.
3.
من عرف أن الله خالق
هذه الكائنات واعتقد أنه له صفات الكمال وبعد عن النقصان فلا يظنّه ظنّ ا لسوء ولو
وقع مشقّات عظيمة أو في مصائب متوالية. بل قال في نفسه إن الله لا يفعل شيئا إلا
بالحكمة ولا يخلق شيئا إلا وفيه حكمة سواء كانت هذه الحكمة معروفة عنده أو غير
معروفة.
الخلاصة:
البيت الأولي: بيّن أن كل إنسان لابد له من صديق يساعده في تحليل مشكلاته في حياته ويعاونه في تخفيف أعبائه.
البيت الثاني: مثل حاجة الإنسان إلى الصديق كمثل حاجة اليد إلى الساعد والبنان, وهذا البيت يؤكّد البيت الأول.
البيت الثالث: يبيّن أن الذي عرف الله أو الذي له اعتقاد سليم فإنه لا يظن بالله ظن السوء, بل اعتقد أن الله لا يخلق شيئا إلا وفيه حكمة.
7
|
ِلابْنِ دُرَيْــد الأَزدي
(المتـوفى سنة 331 هـ)
|
وَالنَّاسُ أَلْفٌ مِنْهُمْ
كَوَاحِـدٍ
|
#
|
وَوَاحِـدٌ كَاْلأَلْفِ إِنْ أَمْرٌ
عَنىَ
|
وَآفَةُ العَقْلِ الهَوَى فَمَنْ
عَـلاَ
|
#
|
عَلـىَ هَـوَاهُ عَقْلُهُ فَقَدْ
نَجَـا
|
عَوِّلْ عَلىَ الصَّبْرِ الجَمِيْلِ
فَإِنَّهُ
|
#
|
أَمْنَعُ مَـا لاَذَ بِهِ أُوْلُو
الحِجَـا
|
لاَتَعْجَبَنَّ مِنْ هَالِكٍ كَيْفَ
هَوَى
|
#
|
بَلْ فَاعْجَبَنْ مِنْ سَالِمٍ كَيْفَ
نَجاَ
|
وَإِنَّمَــا المَرْءُ حَدِيْثٌ
بَعْدَهُ
|
#
|
فَكُنْ حَدِيْثًا حَسَـناً لِمَنْ
وَعىَ
|
المفردات:
:
عاهة : مفسدة
|
آفة
|
: قصد : لزم
|
عنى
|
: حفظ
|
وعى
|
: غلب على
|
علا
|
سلم:
|
أمنع
|
: اعتمد: التجأ
|
لاذ
|
: العقلاء
|
أولوالحجا
|
:
سلم
|
نجا
|
|
|
:
سقط
|
هوى
|
الشرح:
1.
قيمة ألف من الناس
كقيمة واحد منهم ومثل واحد منهم كمثل ألف. وذلك إن كان الواحد منهم لزمه هؤلاء ألف
واشتغل لأجل أهميتهم وإذا استطاع الواحد أن يعمل أعمالا كثيرة و تكون له مسؤولية
ألف رجل فإن قدره مثل ألف رجل أو أكثر. وكلّما ازدادت مسؤوليته ازدادت قيمته بين
الناس فقدر كلّ امرئ بقدر مسؤوليته. لذلك يجب علينا أن نسعى بكلّ جهدنا لأجل
أهميته ديننا وشعبنا ووطننا مخلصين لله طلبا لرضاه فنكون بذلك في أعلى الدرجات بين
الناس.
2.
العقل أفضل هبة من
الله وهو الذي امتاز به الإنسان عن سائر الحيوانات. فالعقل السليم هو الذي يرشد
الإنسان إلى سعادته ويبعد عن الهلاك, لكل الإنسان بجانب أنه له هذا العقل فإن الله
خلق في نفسه الهوى الذي قد يسوقه الشيطان وقد يستولي هذا الهوى على العقل فيقع
الإنسان بذلك في فساد و في ضلال وفي حين يكون العقل مستوليا على الهوى ويرشد
الإنسان إلى النجاة. ولذلك متى كان عقل الإنسان مستوليا على هواه استطاع أن يكون
ناجيا من الضرر وسالما من الفساد فالواجب علينا المحافظة على عقولنا لتكون مليمة
من وساويس الهوى الذي يسوقه الشياطين فنكون بذلك سالمين في حياتنا ناجين من الهلاك
والفساد.
3.
عليك أن تعتمد في
عملك على الصبر الجميل أو الثبات والمداومة وعدم اليأس في العمل والسعي مع قوة
الإيمان بالله والتوكل عليه. وترك الغضب الذي يميت العقل فإن الصبر الذي يكون مثل
هذا شأنه فهو أحسن صفة اتصف به العقلاء لأجل نجاة حياته وبنجاحه في سعيه وهو أحسن
حصن يمنعه من الأذى والضرر والخيبة والخسران.
4.
لا تتعجب إذا رأيت
أحدا وقع في هلاك وخيبة في سعيه ولا ينبغة لك أن ترى كثيرا سبب وسقوطه, بل يلزمك
أن تكون معجبا ممن سلك في عمله ونجح في سعيه مع معرفة أسباب النجاح لتقتدي به
فتستطيع بذلك الحصول على النجاح والنجاة عن الخيبة والخسران.
5.
لا تكون المرء بعد
موته إلا حديثا يجري بين الناس إذ خيرا فيتكلمون عن خيره وإن شرا فيتكلمون عن شره.
بل قد يجعلونه عبرة اللأحياء لمن بعده ولهذا عليك أن تعمل عملا حسنا طول حياتك بل
يلزمك أن تكون رجلا مثاليا إيجابيا في سعيك لتكون أنت حديثا حسنا وقدوة حسنة لمن
بعدك في جميع الأمور.
الخلاصة:
البيت الأول: يبيّن أن قيمة كل امرء بقدر مسؤوليته من حيث صغرها أو كبرها أو بقدر مايشغله من الأعمال وما اهتمّ به منها. اللازم علينا أن نكون رجالا نافعين بيدنا أعمال ذات قيمة عالية وخدمات لأجل الدين والأمة والوطن.
البيت
الثاني: يأمرنا أن نحفظ عقولنا من وساويس الهوى والشيطان لأن سلامة المرء متوقفة
على استيلاء عقله على هواه وشقاوته بسبب غلبة هواه على عقله.
البيت
الثالث: يأمرنا الاعتماد على الصبر الجميل وهو قوة العزيمة وعدم اليأس والثبات في
المبدأ دون الاستسلام ومثابرة في السعي دون خوف من أي نوع من المشقّات أو البلايا
فإن الصبر الذي يكون هذا شأنه هو الذي يحفظنا من جميع ما يضرّنا وهو الذي يحملنا
إلى النجاة في الحياة والنجاح في السعي.
البيت
الرابع: ينهانا عن التعجّب من الأسباب المؤدّية إلى وقوع المرء في هوة الشقاوة بل
الواجب علينا أن نعرف الأسباب المؤدّية إلى سلامة المرء في حياته ونجاحه في سعيه
لنقتدي به حتى نكون مثله.
البيت الخامس: يأمرنا أن نعمل أعمالا صالحة ونسعى بجدّنا وجهدنا حتى نكون رجالا مثاليين إيجابيين بين الناس فنكون قدوة لهم بعد مماتنا لأن المرء يكون عبرة لغيره بعد موته.
8
|
لِلمُتَنَبِّــي (المتـوفى سنة 354 هـ)
|
إِذَا غَـامَرْتَ فيِ شَرَفٍ مَرُوْمٍ
|
#
|
فَلاَ تَقْنَعْ بِمـَا دُوْنَ
النُّجُوْمِ
|
فَطَعْمُ المـَوْتِ فيِ أَمْرٍ
حَقِيْرٍ
|
#
|
كَطَعْمِ المَـوْتِ فيِ أَمْرٍ
عَظِيْمٍ
|
يَرَى الجُبَنَـاءُ أَنَّ العَجْزَ
عَقْلٌ
|
#
|
وَتِلْكَ خَـدِيْعَةُ الطَبْعِ
اللَّئِيْمِ
|
وَكُلُّ شَجَاعَةٍ فـيِ المَرْءِ
تُغْنىَ
|
#
|
وَلا َمِثْلَ الشَّجَاعَةِ فيِ
الحَكِيْمِ
|
وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً
صَحِيْحًا
|
#
|
وَآفَتُهُ مِـنَ الفَهْمِ
السَّـقِيْمِ
|
المفردات :
:
الضعف
|
العجز
|
: جمن الجبّان : الخائن
|
الجبناء
|
: كثيرما
|
كم
من
|
: حيلة ومكر
|
خديعة
|
تقنع:
|
تغنى
|
: المريض
|
السقيم
|
: أمر مقصود
|
شرف
مروم
|
: أردت
|
غامرت
|
الشرح :
1.
إذا أردت أن تدافع عن
شيئ شريف كالدفاع عن الوطن والدفاع عن الدين أو أردت أن تجاهد في سبيل الحق والعدل
أو عزمت على طلب العلا فعليك أن تجاهد جهادا حقيقيا لأجل هذا الشريف وألاّ تكون
مرتابا في سعيك وعملك وفي جهادك وألاّ تخاف عن بذل أموالك والأنفس أو الممات لأجل
هذا الأمر العظيم وألا ترضى قبل الحصول على الدرجة العالية وألاّ تقنع قبل الوصول
إلى غايتك الأخيرة ولو اضطررت أن تبذل النفس والنفيس.
2. اعلم أنه
لا فرق بين طعم الموت لأجل أمر حقير وطعم الموت لأجل أمرعظيم. ولذلك إذا أردت أن
تسعى لأمر عظيم أو تجاهد في سبيل الحق لإعلاء كلمات الله ألاّ تخاف من المشقّات أو
المضرّات المتوالية وألاّ تخاف عن بذل الأموال والأنفس لأجل هذا المبدأ الشريف فإن
الجهاد في سبيل الحق فوق كل شيئ فتحصل بذلك آمالك المرجوّة وغايتك السامية. وإذا
متّ لأجل هذا الأمر العظيم فيكون موتك موتا شريفا محمودا لا ينساك من بعدك بل
جعلوك مثالا في سعيهم وعملهم وقدوة لهم في جهادهم.
3. من
صفة الجبناء أو الخوّافين الذين لا يشجعون الدفاع عن الحق والجهاد في سبيل الخير
أنهم يرون أن عجزهم في أمورهم أو تخلّفهم عن الجهاد نوع من الرأي الصحيح الناتج من
عقل السليم. اعلم أن ذلك الرأي لرأي مخطئ ولا يكون إلا نتيجة من الخديعة التي نشأت
من طبائعهم الدنيئة ومن صفاتهم الملومة هي خوفهم عن بذل المجهود اللازم في سبيل
الحق وقناعتهم في ذلّ وحقارة في حياتهم. فالواجب عليك الاجتناب عن مثل هذا الرأي
السقيم وعن هذا المبدأ الحقير الدنئ.
4.
كل شجاعة تكون نافعة
للمرء في جميع أموره وكم نرى في المجتمع
أن قليل العلم استطاع أن ينال مرتبة عالية وحصل على غايته المرجوّة ولا يكون ذلك
إلا بسبب شجاعته, وكم نرى فينا ذوي العلوم
الكثيرة والمعارف وقعوا في الفشل بسبب جبانتهم وكثرة خوفهم من السعي للوصول
إلى آمالهم فالواجب عليك أن تعلم أن هذه الشجاعة ستأتي بأكبر المنافع إذا كان
المتّصف بها رجل حكيم. فاللازم أن تكون شجاعا حكيما في أمورك فتكون بذلك ناجحا في
حياتك.
5.
كم رأينا من رجال
يلومون قولا صحيحا ورأيا مصيبا ولا يكون ذلك إلاّ نتيجة من الفهم السقيم الناتج من
عقل غير صحيح وقلب غير سليم, فليحذر كل منّا خطر قبول قول أحد قبل التفكير العميق
والفهم الدقيق.
6.
الخلاصة :
الرغبة في تحقيق الآمال تراود أنفس كثير
من الشباب, وتشغل تفكيرهم. فإذا كنت من هؤلاء فلا تقف دون تحقيق آمالك, ولا تقنع
بالأدنى منها, فإن طعم الموت في الأمور الهينة والعظيمة واحد, ولا تكن كالجبّان
الذي يريه لؤمه وطبعه الرديء أن قعوده عن المعالي وعدم الإقدام غاية العقل, ونهاية
التصرف والحكمة, وهو بذلك يخادع نفسه ويغالطها.
والشجاعة أمر محمود ولكنها إذا اجتمعت
مع العقل والحكمة كانت أتم وأحسن.
وبعض الناس يعيب القول الحسن المتفق مع
العقل السليم, لجهله به, وما درى أن السبب قصور فهمه هو, فكل الآذان تسمع القول
لكنها تعي منه على قدر عقلية صاحبها.[2]
9
|
لحِسَامِ الدِّيْنِ الوَاعِظِي
(المتوفى سنة 99 هـ)
|
تَعَلَّمِ العِلْمَ وَاجْلِسْ فيِ
مَجَالِسِهِ
|
#
|
مَاخَـابَ
قَطُّ لَبِيْبٌ جَالَسَ العُلَمَاءَ
|
وَالوَالِدَيْنِ فَأَكْرِمْ تَنْجُ
مِنْ ضَرَرٍ
|
#
|
وَلاَ تَكُنْ نَكِِدًا تَسْتَوْجِبُ
النَّقَمـاَ
|
وَلاَزِمِ الصُّمْتَ لاَ تَنْطِقْ
بِفَاحِشَةٍ
|
#
|
وَأَكْرِمِ الجَارَ وَلاَ تَهْتِكْ
لَهُ حُرُمَـا
|
وَاحْذَرْ
مِنَ المَزْحِ كَمْ فيِ المَزْحِ مِنْ خَطَرٍ
|
#
|
كَمْ
مِنْ صَدِيْقَيْنِ بَعْدَ المَزْحِ فَاخْتَصَمَا
|
المفردات :
:
بالمرة
|
قط
|
: فشل: لم يظفر
|
خاب
|
: قليل الخير
|
نكد
|
: عاقل
|
لبيب
|
[1] المملكة
السعودية وزارة المعارف, الأناشيد والمحفوظات الإبتدائية للصف السادس الابتدائي, 77, ص: 229.
No comments:
Post a Comment
Terima kasih sudah mengunjungi Blog saya, semoga bermanfaat